الباب الرابع - فروض التصديق والاعتقاد :
هي ما عُلِم بالدين بالضرورة وما جاء في كتاب الله محكما ظاهرا ، مثل :
1- أن الله هو الاله الواحد وهو أحد، وأن له الأسماء الحسنى،
وهو يسمع ويرى، وله صفاته مجملا، ليس على سبيل تفصيل مثل ما خاض فيه كثير من علماء الدين وقولهم هل الله عليما في ذاته أم هي صفة قائمة بذاته؟ ونحوها .
2 - وأن الله متكلما ليس أبكما ، دليله قوله (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) النحل 76 ،
وكلامه تعالى لملائكته ليس وحياً بل يسمعون كلامه ، فسبحان الذي أنطق كل شيء من مخلوقاته فكيف لا ينطق هو ؟! .
3- وأن الله على عرشه كما قال، فلا نكيف ولا نفسر، وهو مباين لخلقه.
4- وأن الله ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته ، ولا يليق به تعالى أن نصفه بأنه ليس بجسم أو جوهر .
5- وأما ما جاء في المرويات عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفات الله تعالى فالله أعلم بصدقها أو المراد منها .
6 – ورؤية البشر لله تعالى بأبصارهم من المشتبهات:
ولقاء الله في الآخرة وتكليمه، حق دون رؤيته ،
قال تعالى : لا تدركه الأبصار " ،
وقال " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ)
الشورى 51 ، فإذا كان هذا حال سماع البشر لكلام الله تعالى من الوحي أو من وراء حجاب ، فكيف تراه الوجوه والأبصار جهرة ؟
وقال تعالى " فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا" ، فلا يثبت أمام رؤية الله وتجليه عز وجل ،أحدٌ من خلقه سوى العرش .
7 - ويفوض المؤمن أمره لله بما حكم وقدَّر ويتوكل عليه ولا يسخط لحكمه ، ولا يرتاب ، ومع ذلك فالمؤمن عاملٌ بما أمر الله به ونهى عنه،
والقَدَر لا يعني الجبْر،وأن أفعال العباد بين الله وبين ما كسبت أيديهم وقلوبهم .
8 – وتفضيل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم بعضهم على بعض، مثل أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وكذلك الخلافة ليست من فروض الاعتقاد ، وأمرهم جميعا لله ،
ونستغفر لهم كما أمرنا الله عز وجل في كتابه .
9- وأن عيسى بن مريم ، عبد الله ورسوله فمن جحد ذلك فهو كافر ، كما جاء في الكتاب .
10 – ولا يعلم الغيبَ إلا الله .
دليله " قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ" النمل 65 ،
ويندرج تحته أحوال العباد في الدنيا والآخرة .
11 – ولا نزكي على الله أحداً ولا نقول أنه ولي لله من دون المؤمنين .
12 – ولا إكراه في الدين .
13- ولا جهاد إلا ضد المعتدين أو المحاربين لدين الله .
14- وليس للكافر أو المرتد حدّ في الدنيا ، إنما الحدّ للمحاربين منهم والذين يصدون عن دين الله .
15- وسؤال الملائكة وتعذيب المحتضرين والموتى ثابت في كتاب الله ، كما ثبت تنعم الشهداء في الجنّة بعد قتلهم في سبيل الله .
دليله قوله "إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا" النساء 97
وقوله " وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ " الأنفال 50
وقوله " النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ " غافر 46
وليس عذاب القبر بالضرورة هو حريق للأجساد في النار بل هو نوع من العذاب والايلام مثل قوله تعالى " وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" السجدة 21 ،
وقال في أصحاب الجنّة بعد احتراقها وأصبحت كالصريم وحرمانهم من خيراتها وثمارها " كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" القلم 33 .
16- ولا تحريم ولا فرض على المؤمنين إلا من كتاب الله ، وأما جاء به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على سبيل الاستحباب أو الكراهة والتنزيه .
17- وأن الله هو الشافع ،
دليله قوله تعالى " قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا"، والشفاعة هي جزء من رحمته تعالى وضعها برضاه وارادته ، ويأذن بها لمن يشاء من عباده ، والشفاعة ليست كالتي بين البشر .
ولا نخوض في الشفاعة يوم القيامة كيف ومتى تكون ؟ الله أعلم .
18 – ومن كان معتزلا أو أشعريا أو حنبليا أو صوفيا أو شيعيا ، لا نخرج أحدهم من ملّة الاسلام وأصل الايمان، بما اختصوا به من أقوال وآراء في الاعتقادات وباب الصفات، وهم مؤمنون بما ذكرناه متقدما من معنى الايمان .
19 – وتحريم التفرق والتحزب والتشيّع :
دليله قوله تعالى : " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ" الأنعام 65
" إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ " الأنعام 159
وقوله " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" القصص 4
20 – والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على العامة وعلى أولي الأمر ،
بحسب الطاقة من علم واستطاعة .
دليله قوله " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي" يوسف. وقوله"وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ" فصلت 33.
وقوله " " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" المائدة .
21 – ولا طاعة لمخلوق في معصية .
دليله : قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ" الممتحنة.
22- ومن جحد حكْم الله الذي أنزله في كتابه فقد كفر، فالجحد والإنكار تكذيب وهو ضد التصديق .
قال تعالى " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" المائدة 49 .
23- والسعيد من اتقى الشرك والكبائر والكِبْر :
أ- قال تعالى في الشرك " قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا " الاسراء .
فلا يُشْرَك بمَلَكٍ أو مِنْ نبي وجنّي و كاهن و ساحر و صالح وصنم وقبر .
ب - وقال في كبائر الذنوب " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا" النساء 31 .
ج- ونهى عن الاستكبار :
دليله قوله تعالى " أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ " الزمر 60
وقال " إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ " غافر 56 ، أي ليس في صدروهم سوى استكبارا.
وقال " يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" الشعراء 89 . أي قلب سلم من الشرك والفحش والكبّر
..